اللعب.. يساعد الطفل على الكلام
يفيد بعض خبراء الألسن واللغة، أن اللعب يصبح مادة ضرورية لتزويد الطفل بالمكتسبات اللفضية واللغوية، إلا أن هذه النظرية لم يؤيدها البعض من هؤلاء، ما جعل نظريتهم مقيدة، إنطلاقاً من فكرة راسخة لدى هؤلاء أن اللعب الذي تنفذه الأم مع الطفل يراه من باب الإهتمام والرعاية له أكثر من اعتباره مادة تعليم على اللفظ من خلال ما تقدمه من مفردات تفرض نفسها على تحاورهما، وأن تطور الألفاظ وتعلمها يأتي في مرحلة لاحقة وبشكل تلقائي تفرضه المحادثة، وبتكرار العبارات والألفاظ تتحرك الذاكرة وتحتفظ بهذه المفردات التي يعمل الطفل فيما بعد على ترديها وعليه يمكن اعتبار اللعب وسيلة تعلم على النطق واللفظ.
وهذا ما يجب أخذه بعين الإعتبار وتحديد ما إذا كان وسيلة لتطوير اللغة واللفظ أم لا، يساعد على النطق، عبر تأمين ألعاب تحتاج إلى تجديد مستمر من حيث إنتقاء الألفاظ ونطقها أمام الطفل.
التنوع في اختيار الألعاب هو الأفضل لحصول هذا الكم من الألفاظ، ومن المجدي إقامة شراكة مع الطفل خلال تنفيذ اللعبة من أجل خلق الحوار معه.
اللغة والكلام يعكسان حاجة الطفل للتواصل لذا نراه يهز بجسمه ويحرك فمه تجاوباً مع الإيماءات الشفهية الصادرة عن الطرف الآخر
ويعتبر اللعب بالطين أو بناء أسوار من الحجارة، أو أبراج من الرمل أفضل الألعاب، فالمواد الداخلة في هذه الألعاب كفيلة بفرض التساؤلات حول المواد، وانتظار الإجابة.
وما يزيد من تطور النطق عند الطفل خلال ممارسة هذه الألعاب، إنتساب أفراد آخرين من أبناء جيلهن فهذا النسيج الإجتماعي الجديد يساعده على اكتشاف مهارات جديدة يزوده بها هؤلاء خاصة إذا ما كانوا أكبر منه سناً.
وفي الجانب الآخر من اللعب يمكن تحويل الحوارات الكلامية والأناشيد الشفوية إلى لعبة يمارسها الطفل، خاصة وأن هذه الحوارات والأناشيد من ميزاتها تكرار الكلمات وهذا ما يحبه الطفل، فترديد مقاطع منها بين الحين والآخر سف يدفعه إلى اكتسابها وحفظها في ذاكرته ناهيك عن أن هذه اللعبة ستفرض على الطفل تنوعاً لفظياً وفقاً لموضوع الأنشودة .
فحين تتحدث الأنشودة عن القطار السريع، سنجد الطفل يطلق ألفاظاً مماثلة لصوت هذا القطار، إضافة إلى ما سيقوم به من أداء حركي كوسيلة لتحرك عجلاته، وهكذا يتمكن الطفل من ربط النطق وحركة الصور مع حركة اليدين وحاسة السمع.
وإدراك الطفل للعبته التي ستحثه على النطق شرط أساسي لاكتسابه مهارات لفظية جديدة، بمساعدة الأم التي يفترض بها توفير ألعاباً بسيطة وغير معقدة له مع شرح مبسط حول أصول التنفيذ، وهذا يبدأ بالحركات، كأن تطبق الحركات هي أولاً على لعبة ما، كشرب الماء أو التكلم على التلفون.
فالطفل حين ينظر إلى أمه كيف تحمل الكوب وكيف تحمل التلفون وتتكلم سوف يحرك حاسته البصرية مع حاسته السمعية كونها ستدخل الحوار إلى اللعبة، وتكون فكرة في ذهنه تحت تأثير التركيز والإصغاء والإنتباه استعداداً للتنفيذ بنفسه، وتكرار العبارات التي يسمعها.
في الأسبوع الثامن والعشرون يعبر الطفل عن الترحيب بالأم من خلال ملامسة وجهها واكتشافه ,هذا ويجب أن يتميز اللعب بالبساطة بحيث يتمكن الطفل من تكوين فكرة عامة بسرعة حتى لا يشعر بالضجر أمام عجزه عن إيجاد الألفاظ المناسبة أثناء ممارسة اللعبة.
فالطفل بارع في الخروج من عالم الواقع إلى عالم الخيال، حين يتمكن من إسناد أدوار مناقضة للأشياء بين يديه، وهذا يطور ويزيد من مفرداته، فحين يستبدل العصا بقصبة صيد سمك، فهو يريد إثبات أن هذه ليست عصى بل هي قصبة صيد، يؤشر على هذا المدلول عبارة ينطق بها (أنا ذاهب للصيد)، كما يستبدل علبة حذائه بسرير دميته التي يؤلف حولها سيناريو من وحي خياله، يبرز من خلال مخاطبته لها، كأن يقول لها نامي، أو أنا ذاهب لاحضر لك طعاماً.
فهذه التراكمات من الأفكار والعبارات والألفاظ ما هي إلا مؤشر على بدايات التفكير الفعلي لديه رغم استعماله المفردات في غير محلها.
أتمنى لكم الإفاده
تحيه للجميع